نوح نبي ورسول ورد ذكره في الكتب المقدسة لأتباع الديانات الإبراهيمية بالإضافة إلى ورود ذكر شخصية مشابهة له في أساطير بلاد الرافدين. دعا قومه 950 سنة. الاعتقاد السائد حسب الديانات السماوية هو أن نوح كان شخصية تاريخية حقيقية وكان الحفيد التاسع أو العاشر لآدم وإنه كان الأب الثاني للبشرية بعد نجاته ومن معه من الطوفان العظيم الذي أباد البشرية جميعا باستثناء الذين نجوا من الطوفان لاستعمالهم سفينة عملاقة اشتهرت باسم سفينة نوح.
استنادا على الموسوعة الكاثوليكية فإن والد نوح لاميخ أطلق عليه هذا الاسم لقناعته بأن نوح سوف يخلص البشرية من العقوبة التي أنزلها الخالق الأعظم على آدم ويوصل الإنسانية إلى حالة من الطمأنينة والاستراحة .
يرى المسلمون أن النبي نوح هو أول الرسل، ومن أولي العزم الخمسة، بعثه الله لما عبدت الأصنام والطواغيت، وحاد الناس عن التوحيد، وقد ذكر الله قصته، وما كان من قومه، وما أنزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان، وكيف أنجاه وأصحاب السفينة في غير ما موضع من القرآن الكريم.
هناك أيضا قصص مشابهة في الأساطير اليونانية القديمة تتحدث عن شخص يدعى ديوكاليون قام بإنقاذ ذريته ومجموعة من الحيوانات من الطوفان بواسطة سفينة وهناك أساطير من أيرلندا عن ملكة أبحرت في سفينة مع مجموعة لمدة 7 سنوات ليتجنبوا الغرق نتيجة الطوفان الذي عم أيرلندا .
نسبه
- هو نوح بن لامَك بن متوشلخَ بن خنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل أو مهلائيل بن قينان أو قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر.
نوح من وجهة نظر الأكاديميين
استنادا إلى معظم المؤرخين والأكاديميين في مجال اللغات فإن التوراة -التي تعتبر أقدم كتاب ديني ذكر قصة نوح- هي في الحقيقة عبارة عن مجموعة من المخطوطات كتبت من قبل العديد من الكتاب وليس من كاتب واحد أو مصدر واحد، وإنها على الأغلب قد جمعت في القرن الخامس قبل الميلاد . ونتيجة الاختلاف في المصادر فإن التوراة تُظهر شخصيتين متناقضتين لنوح فتارة نرى نوح كرجل زاهد قريبا من "الخالق الأعظم" الذي اختاره ليخلص البشرية من الدمار، وتارة أخرى نرى التوراة تصف نوح كأول فلاح في البشرية وكان أول صانع للنبيذ. ويرى بعض المحللين إن هذا التناقض في وصف الشخصية قد يكون معناه أنه ربما حدث خطأ أثناء نقل الروايات وإن بطل قصة الطوفان قد يكون جد نوح واسمه بالعبرية أينوخ وبالعربية نوح وإن هناك إحتمإلا أن التشابه في العبرية بين اسمي نوح وآينوخ قد يكون سببا رئيسيا في هذا التناقض .
تشير الأبحاث الجيولوجية واستنادا إلى دراسة المتحجرات وطبقات علم الأرض إن هناك دلائل على حدوث فيضان في منطقة الشرق الأوسط في العصور القديمة ولكن الأبحاث لم تؤكد المعتقد الديني السائد أن الطوفان المذكور قد شمل جميع بقاع الأرض . وتشير دراسات من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية أن البحر الأسود كان عبارة عن بحيرة في العصر الجليدي وأن درجة حرارة الأرض بدأت بالارتفاع قبل حوالي 12,000 عاما وبدأت الكتل الجليدية بالانصهار، وأنه قبل ما يقارب 7000 عاما حدث امتداد لمياه البحر المتوسط وحدث طوفان باتجاه تركيا ، وكانت قوة الطوفان معادلة لما يقارب 200 مرة قوة شلالات نياجارا .
تشير دراسة المتحجرات إلى حدوث سلسلة من الفيضانات بين عامي 4000 إلى 2000 قبل الميلاد في ما كانت تسمى سابقا بلاد ما بين النهرين والتي كانت تشمل الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات بما فيها أراضي تقع الآن فيسوريا وتركيا والعراق ، وأنه من المحتمل جدا أن يكون قصة الطوفان قد نشأت من إحدى هذه الفيضانات وتركت أثارا واضحة في كتابات وأساطير ومعتقدات هذه المنطقة في الشرق الأوسط .
طوفان نوح في ملحمة جلجامش
يعتبر ملحمة جلجامش السومرية التي تم اكتشاف ألواحها الطينية عام 1853 من قبل البعض أول نص من الناحية التأريخية يذكر فيها قصة الطوفان في حين أن كثيرا من العلماء يعتقدون أن القصة تمت اضافتها إلى اللوح الحادي عشر من شخص استخدم قصة الطوفان الموجودة في ملحمة اتراحسيس. في الأسطورة يحاول الملك جلجامش الوصول إلى سر الخلود عن طريق الإنسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود وكان اسمه أوتنابشتم أو أتراحاسيس والذي يعتبره البعض مشابها جدا أن لم يكن مطابقا لشخصية نوح في الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام. وعندما يجد جلجامش أوتنابشتم يبدأ الأخير بسرد قصة الطوفان العظيم الذي حدث بأمر الآلهة ، وقصة الطوفان هنا شبيهة جدا بقصةطوفان نوح, وقد نجى من الطوفان أوتنابشتم وزوجته فقط وقررت الآلهة منحهم الخلود
نوح في اليهودية والمسيحية
استنادا على التوراة وسفر التكوين في العهد القديم من الكتاب المقدس فإن نوح كان ابن لامخ وكان يعتبر الجيل العاشر بعد آدم وكان عمره 600 عاما عندما أوكل الخالق له مهمة بناء السفينة وعاش 350 سنة بعد الطوفان وكان عمره عند الوفاة 950 عاما.
يصور العهد الجديد من الكتاب المقدس نوح كشخصية قريبة ومطيعة للخالق الأعظم ويضعه إنجيل مرقس في نفس منزلة إبراهيم ويعقوب.
في الكتابات المسيحية التي كتبت في القرن الثالث بعد الميلاد من قبل أوريليس أوغسطين (354 - 430) تم إعطاء أهمية دينية كبيرة لسفينة نوح حيث تم اعتباره رمزا للخلاص من خلال تشبيه السفينة بالكنيسة . في القرون الوسطى بدأ المسيحيون في كتاباتهم بالاقتناع بالتوزيع العرقي للأجناس البشرية الذي ورد ذكره في سفر التكوين وأضافوا إليه توزيعا طبقيا جديدا فكان الاعتقاد السائد أن رجال الدين والقديسيين ينحدرون من سلالة سام والفرسان ينحدرون من سلالة يافث والفقراء ينحدرون من سلالة حام؛ وتذكر التوراة أن سام وحام ويافث هم أبناء نوح.
يرى المحللون أن في هذا تكرارا لفكرة لعنة حام والتي يعتبرها البعض أول تقسيم عنصري مستند على الدين والتي من المحتمل أنها لعبت دورا في النظرة التي نشأت وما زالت قائمة إلى حد ما على الأفريقيين وأصحاب البشرة السوداء ووصل الأمر في عام 1964 إلى السيناتور الأمريكي روبرت بيرد (بالإنجليزية :Robert Byrd) من فرجينيا الغربيةأن يستخدم قصة نوح كمبرر لإبقاء سياسة التمييز العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية . وقد كان بيرد أكبر المعمرين في مجلس الشيوخ وقد كان سيناتور منذ1959 ورفض بيرد في عام 1991 ترشيح قاضيتين من أصول أفريقية أمريكية للمحكمة العليا في الولايات المتحدة ورفض بيرد في عام 2004 ترشيح كوندوليزا رايسلمنصب وزيرة الخارجية وقد توفي عام 2010.
نوح في الإسلام
جاء ذكر نوح في العديد من الآيات القرآنية في سورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وسورة هود و سورة العنكبوت وكذلك سورة نوح المسماة باسمه وغيرها. وحسب الدين الإسلامي فان الله أرسل نوحا إلى قوم يعبدون الأوثان ليدعوهم إلى عبادته وحده وترك عبادة غيره، لكن نوحا لم يلق آذانا صاغية واستمر الأكثرية على عبادة الأوثان ونصبوا له العداوة ولمن آمن به وتوعدوهم بالرجم.
واستنادا إلى القرآن فإن نوحا لبث في قومه يدعوهم إلى عبادة الله ألف سنة إلا خمسين عامًا وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ وأن الله أمره ببناء سفينة، والتي لم تعرف البشرية مثلها، فقيل في طولها انها بلغت ثمانين ذراعا وقيل ألفا وقيل الفي ذراع وقيل غير ذلك، وكان خشبها من شجر الساج أو الصنور على اختلاف بين المصادر وكان نوح يزرع الشجر وينتظر نموه مئة سنة وينشره مئة أخرى أو أربعين سنة، وقد أمر أن يطلى باطنها وظاهرها بالقار، وجعل منها ثلاثة طوابق، جعل الأرض منها للحيوانات والوحوش، وثانيها لبني الإنسان وأعلاها للطيور، واكن لها سقف مطبق عليها.
وأوحي لنوح بأن علامة بدإ الطوفان هو مجئ أمر الله بفوران التنور، وقيل بالتنور بأنه حدوث بركان في المنطقة، وفي تفسير آخر فوران تنور نوح وهو التنور الذي ورثه من حواء، أو فوران الماء على سطح الأرض، وقيل طلوع نور الفجر وقيل غير ذلك... ولما تحققت العلامة أمر نوح بأن يحمل في متن السفينة من كل دواب الأرض زوجين وأهله ومن آمن معه وكان عددهم قليلا. لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي عصيانه ويبدي الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر . وكذلك كانت أغلبية من لم يؤمنوا به فلم يركبوا معه. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس: "آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا".
فبدأ بتحميل حوالي ثمانين رجلا معهم نساؤهم في السفينة، وانفجرت الأرض عيونا وهطلت السماء وارتفع الماء حاملا السفينة وهي تجري بهم في موج كالجبال مئة وخمسين يوما. وهلك الباقون ولم يبق الله على الأرض من الكافرين ديارا. فأرسل نوح الحمامة فمرغت رجليها في الطين وحملت إليه غصن زيتون، فلما رأى ذلك علم أن الماء قد انحسر، وهذا ما ذكره ابن عباس.